فصل: فصل في الحمّى الخمس والسدس والسبع ونحو ذلك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في الحمّى الخمس والسدس والسبع ونحو ذلك:

وتسمى باليونانية فيماطوس وقوم يسمون أمثال هذه دوارة فاعلم أن هذه تتولد من مادة مجانسة لمادة الربع لكنها أغلظ وأقل وأكثر ما تكون من سوداء بلغمية.
وأما السدس والسبع وما وراء ذلك فإن بقراطاً يذكره وجالينوس يقول: ما رأيت في عمري منه شيئاً بل ولا رأيت خمساً جلياً قوياً إنما هي حمى كالخفيّة.
قال: ولا يبعد أن يكون السبب في مثل السبع والتسع تدبيراً إذا استعمل وجرى عليه أوجب حمّى فإذا عوود أوجب في مثل ذلك الوقت تلك الحمى ولو ترك وأصلح لكان لا يوجب فيكون السبب في أدواره وعوداته عودات التدبير وأدواره لا أدوار مواد تنصب وعوداتها.
قال: فيجب أن يراعى في امتحان هذه العلة هذا المعنى حتى لا يقع غلط على أن جالينوس كالمنكر لوجود هذه الحميات وكالموجب أن يكون لأمثالها أصل آخر لكن بقبراط قد حقق القول في وجود السبع والتسع وليس ذلك يبين التعذر ولا واضح الاستحالة حتى يحتاج أن يرجع فيه إلى التأويل والأقاويل التي قالها بقراط في باب هذه الحميات إن السبع طويلة وليست قتالة والتسع أطول منها وليست قتّالة وقال أن الخماسية أردأ الحميات لأنها تكون قبل السل أو بعده وقول جالينوس فيه كما تعلمون وأنا أظن لهذا القول وجهاً ما وهو أن يكون السل يعني به الدقّ ويكون قوله الخماسية موضوع قضية مهملة لا تقتضي العموم فيكون كأنه يقول أن من الخماسية صنفاً من أردأ الحميات لأنها تكون قبل الدق وبعده ويكون معنى قوله ذلك أن الحميات إذا طالت واَذت واختلطت واختلفت تأذت كثيراً إلى اشتعال الأعضاء الرئيسة وإلى الدق ومن شأن أمثال هذه الحمّيات أن تقف في آخرها على نمط واحد وأكثر ذلك على الربع وقد بينا هذا لكنها إنما تؤدي إلى الربع إذا كان في الأخلاط غزارة وفي الرطوبات كثرة وأما إذا كان الذوبان قد كثر والاستفراغات المحسومة وغير المحسوسة قد تواترت لم تبق للأخلاط رمادية إلا أقلّ وإلا أغلظ.
وذلك يوجب أن تكون النوبة أبطأ ويكون ما كاد يكون ربعاً خمساً وفي مثل هذه الحال بالحري أن يكون البدن مستعداً لأن يشتعل ويصير دقاً وأيضاً فإن الدق إذا سبق لم يبعد أن يحدث للأخلاط رمادية ما قليلة لقلتها في أواخر الدق ويعرض لتلك الرمادية عفونة فتحدث حمى وقد نهكت الحمّى الدقية البدن فتكون رديئة من حيث أنها علامة إحتراق خلط ما بقي منه إلا يسير فكانت حراقة يسيرة ومن حيث أنها بسبب ازدياد الحمى وتضاعفها.
ولا يجب أن ينكر أمراض لم يتفق أن تشاهد في زمان ما أو بلاد ما فإن هذا الجنس لا يحصى كثرة ولا أيضاً يجب أن يقال أنه إن كان خمس فلا بد من مادة خامسة فإن السوداء إنما دارت ربعاً لا لنفس أنها سوداء بل لأجل أنها قليلة غليظة.
وقد لا يبعد أن تكون في بعض الأبدان سوداء قليلة غليظة تعرض لها العفونة وليس لقائل أن يقول يجوز في البلغم أن يصير لها نوبة أخرى إذا غلظ قل فإن التجويز أمر واسع قلما يتمكن من إلزام نقيضه ثم ليس الحال في تجويز ما لم يُرَ قَط ولم يسمع ولم يشهد به مجرب أو عالم كتجويز مثل ما شهد به مثل بقراط وقد حدثني أنه قد شاهد التسع وأما الخمس فقد شاهدناه مراراً ولم نضطر لذلك إلى أن نقول أن ههنا خلطاً آخر.
علاج أصناف هذه الحميات: يقرب علاج هذه العلة من علاج الربع البلغمية ويحتاج في علاجها إلى فضل صوم وتلطيف للتدبير ونوم هاضم لتتحلل به المادة الغليظة وتنضج ويحتاج أيضاً إلى تغليظ تدبير لئلا تخور معه القوة وهما كالمتعاندين ولما لم تكن هذه الحمّيات بحيث توهن القوة لم نبال بأن نلطف التدبير ونستعمل على المريض الصوم مدة وأن نتلافى ذلك كلما شئنا بأن نغذوه بما يجود غذاؤه ويسرع ويكثر ولا يكون فيه تغليظ للمادة ولا زيادة فيها ومن أنفع المعالجات لذلك القيء بالخربق وبزر الفجل والفجل المخربق وجوز القيء وبزر السرمق والاستفراغات بالأيارجات وبعد ذلك استعمال الترياق ونحوه وينفع حينئذ التعريق بالأدوية وبالحمام الحار من غير استعمال الماء ومن غير استعمال المرطبات.
ثم قد علمت أن في الأعضاء رطوبات مختلفة الأصناف منها رطوبات معدة للتغذية ولترطيب المفاصل فمن ذلك ما هو مخزون في العروق ومن ذلك ما هو مبثوث في الأعضاء كالعلل وهذان القسمان وأولهما مادة حمى العفونة أو حمى الغليان كما علمت إذ كان الغذاء ليس كله ينفق كما يحصل بل قد يبقى منه ما هو في سبيل الانفاق وما هو في سبيل الإدخار ومنها رطوبات قريبة العهد بالجمود وهي الرطوبات التي صارت بالفعل غذاء أي انجذبت إلى المواضع التي هي إبدال لما يتحلل منه وصارت زيادة فيه متشبهة به إلا أن عهدها بالسيلان قريب فهي غير جامدة ومنها رطوبات بها تتصل أجزاء الأعضاء المتشابهة الأجزاء من أول الخلقة وببطلانها تصير إلى التفرق والتبدّد مثال الرطوبة الأولى دهن السراج المصبوب في المسرجة ومثال الثاني الدهن المتشرب في جرم الذبال ومثال الثالث الرطوبة التي بها تتصل أجزاء قطن اتخذ منه الذبال فإذا اشتعلت الأعضاء الأصلية وخصوصاً القلب كان ذلك هذا المرض الذي هو الّدق على ما علمت وحرارة الكبد قد تؤدي إلى الدِّق لكن لا تكون نفسها دفاً بل الدق ما كان بسبب القلب وكذلك حال الرئة والمعدة لكنه ما دام يفني الرطوبات التي من القسم الأول من الأعضاء وخصوصاً من القلب كما يفني المصباح الأدهان المصبوبة في المسرجة فهو الدرجة الأولى المخصوصة باسم الجنس وهو الدق وباليونانية أقطيفوس إذ ليس فإذا أفنيت الرطوبات التي هي من القسم الأول وأخذت في تحليل الرطوبات التي هي من القسم الثاني وفي إفنائْها كما إذا أفنت الشعلة الدهن المفرغ في المسرجة وأخذت تفني المتشرّب في جرم الذبال كانت الدرجة الثانية وتسمى ذبولاً وماريسموس ولها عرض وابتداء وانتهاء ووسط ثم لا يفلح من بلغ انتهاء الذبول وقلما يقبل العلاج إلا ما شاء اللّه وخصوصاً إذا بلغ إلى أن يدق اللحم.
فإذا فنيت هذه وأخذت تفني الرطوبات التي من القسم الثالث كما تأخذ الشعلة بحرق جرم الذبال ورطوباته الأصلية كانت الدرجة الثالثة ويسمى المفتت والمحشف وباليونانية أوماطيس يحقق من أملسقون وهذه العلة من الحميات التي لا نوائب لها ولا أوقات نوائب وقد قال قوم: إما أن يكون تعلق الحمى الدقية بالرطوبات القريبة العهد بالجمود وإما بمثل اللحم وإما بالأعضاء الأصلية الصلبة كالعظام والعصب وهذا القول إن فهم منه أنه يتعلق على سبيل أنه يفني ما فيه من الرطوبة المتصلة به كان والمعنى الأول سواء وإن عني أن أول ما يفنيه الدَّق هي الرطوبات القريبة العهد بالجمود لم يكن القول قولاً صحيحاً والدِّق قد يقع بعد حمّى يوم وقد يقع بعد حميات العفونة والأورام ويبعد أن يعرض الدق ابتداء فتكون الأعضاء الأصلية قد اشتعلت ولم يشتعل خلط ولا روح قبل ذلك بل يجب أن يسخن تلك أولاً ثم على مر الأيام تسخن الأعضاء والسبب الواحد قد يكون سبباً للدق وقد يكون سبباً لحمى يوم بسبب شدة تعلقه وضعف تعلقه مثل النار فإنها تلقى الحطب على وجهين أحدهما وجه تسخين له وتبخير فيه والثاني على سبيل اشتعال.
وحمى العفونة والورم تنتقل كثيراً إلى الدق يسبب شدة الحمّى وشدة تلطيف الغذاء فيه ومنع الماء البارد وقلة مراعاة جانب القلب بالأطلية والأضمدة وخصوصاً في أمراض أعضاء مجاورة للقلب مثل الحجاب وكثيراً ما يوقع فيه اضطرار الطبيب لسقوط القوة وتواتر الغشي إلى سقي الخمر وماء اللحم ودواء المسك ونحوه وقد يتركب الدق مع حميات العفونة والأورام والدق في أول الأمر عسر المعرفة سهل العلاج وفي آخره سهل المعرفة صعب العلاج وآخر الذبول غير قابل للعلاج البتة.
العلامات: أما النبض فيكون دقيقاً صلباً متواتراً ضعيفاً ثابتاً على حال واحدة.
وأما ملمسهم فيكون ما يحس من حرارته دون حرارة سونوخس ونحوها المشتعلة في مواد وفي ابتداء ما يلمس يكون أهدأ فإذا بقيت عليه اليد ساعة ظهرت بقوة ولذع ولم يزل ينمو ويكون أسخن ما فيه مواضع العروق والشرايين وتكون حرارتهم متشابهة لا تنقص لكنها إذا ورد عليها الغذاء نمت به واشتدت وقويالنبض وأخذ في العظم وكذلك ما يعرض للجهال من الأطباء أن يمنعوهم الغذاء لما يعرض منه من هذا العارض فيهلكوهم كما تنمو الشعلة عند إصابة الدهن والمقلى عند صبّ الماء عليه وهذه من دلائلها القوية والغذاء في سائر الحميات ليس لا محالة يوجب هذا الاتقاد وإن أوجب اضطراب حركات للطبيعة وهذا الاتقاد لا يكون كاتقاد سائر الحميات بعد تضاغط ولا على أدوار معلومة بل كما يغدو في أي وقت كان.
ويكون صاحب المرض غير شديد الشعور ما فيه من الحرارة لأنها صارت مزاجاً للعضو متفقاً وقد علمت في الكتاب الأول كيفية الحال في مثل ذلك لكنها تظهر عند تناول شيء من الأغذية لاشتدادها.
ومن دلائل انتقال حمى اليوم إلى حمى الدق شدة اشتداد الحرارة في الثالث جداً وفي الأكثر تأخذ الحمى بعد اثنتي عشرة ساعة في الانحطاط وإذا جاوزت الحمى اثنتي عشرة ساعة ولم تظهر علامات انحطاط بل استمرت إلى الثالث واشتدت فذلك دق.
ومن دلائل تركب الدق مع حمّيات العفونة بقاء حرارة يابسة بعد آخر الانحطاط ويعد العرق الوافر وزيادة في الذبول والنحافة على ما توجبه تلك العلة ودهنية في البول والبراز وإن كان الظاهر الدق والخفي غيره فيدل عليه التضاغط الواقع في النوائب فإن مثل ذلك غير موجود في علامات الذبول: وأما علامات الذبول فإن الحمى إذا اندفعت إلى الذبول اشتدّت صلابة النبض وضعفه وصغره وتواتره وخصوصاً إذا كان سبب الوقوع في الدق أوراماً لا تتحلل فإن ذلك أعني التواتر يزداد جداً وكذلك السرعة ويصير النبض من جنس المعروف بذنب الفار فإن كان من شرب شراب حار كان بدل ذنب الفار مسلّي ولا تكون أعراض الذبول شديدة جداً فإنها لا تمهل إلى مثل ذلك ويظهر في البول دهانة وصفائح وتأخذ العين في الغؤر فإذا انتهى الذبول اشتدّ غورها وكثر الرمص اليابس وتنتأ حروف العظام من كل عضو وفي الوجه ويتلطأ الصدغان ويتمدد جلد الجبهة ويذهب رونق الجلد ويكون كأن عليه غباراً ما وإحراقات الشمس ويؤدي إلى ثقل رفع الحاجب وتصير العين نعاسية مغمضة من غير نوم ويدق الأنف ويطول الشعر ويظهر القمل ويرى بطنه قد قحل ولصق بالظهر كأنه جلد يابس قد انجذب وجذب معه جلدة الصدر فإذا انحنت الأظفار وتقوست فقد انتهى وأخذ في المفتت وإذا حصل في المفتت ذابت الغضاريف.
علاج الدق: الغرض في علاج حمى الدق التبريد والترطيب وكل واحد منهما يتم بتقريب أسبابه ورفع أسباب ضده وربما كان سبب أحدهما سبباً لضد الآخر مثل سبب التبريد فإنه ربما كان سبباً للتجفيف وهو ضد الترطيب مثل التبريد بالأقراص الكافورية والطباشير ونحوها.
وربما كان سبب الترطيب أيضاً سبباً للتسخين وهو ضد التبريد مثل الشراب فإنه يرطب لكنه يسخن فيجب أن تراعي ذلك وإن دعت الحاجة إلى قوي في التبريد ولم يكن إلا ميبساً قرن به أو قدّم عليه أو أعقب ما فيه قوة ترطيب وكذلك إن دعت الحاجة إلى قوى في الترطيب سريع فيه كماء اللحم والشراب فيجب أن يقرن به أو يقدم عليه ويعقبه ما فيه قوة تبريد.
وإن كان سبب الدِّق ورماً أو ألماً في عضو فالواجب علاجه أولاً ومن أحب أن يركب تدبيره من فنون مختلفة توافق من اشتدّت به الحمى جداً فالواجب علاجه أولاً ومن أحب أن يركب تدبيره من فنون مختلفة توافق من اشتدت به الحمى جداً فالواجب أن تبدأ وتسقيه أقراص الكافور وما يجري مجراها في السكنجبين سحراً ومع طلوع الشمس ماء الشعير بالسراطين إن لم يكرهها أو بالجلاب أو بماء الرمان وعند المبيت لعاب بزرقطونا إن لم يكن مانع من قبل المعدة وغيرها والتدبير المبرد ما علمته من أشربة مبردة ومن بقول مبردة ومن أقراص مثل أقراص الكافور ومن أضمدة مبردة ومروخات ونحوها وتبريد هواء حتى في الشتاء.
فإن لم يحتمل خفف عليه الدثار فإن تبريد هوائه أفضل شيء مثل اليابسة المصندلات المكفرة وإشمامه ماء فيه ورد وكافور وصندل وفواكه باردة وشاهسفرم مرشوش بماء الورد والتبخير بالعرق والحمام ويجب أن لا يطال إمساك الأضمدة المبردة جداً على الأعضاء القريبة من أعضاء التنفس فربما أضر ذلك بالنفس والصوت ضرراً عظيماً ويجب أن يميل العليل إلى الراحة والنوم والدعة والفرح ويجتنب ما يغضبه وما يحزنه وما يغمّه والجوع والعطش الطويل والأضمدة المبردة التي يجب عليهم أن يستعملوها العطرة فإنها أحضر نفعاً وخصوصاً على الصدر وما يليه وتكون مبرّدة ولا يكون فيها قبض فإن القبض مع ما يحدث من التجفيف يمنع قوة الدواء أن يغوص ويجب أن يدام التبديل لئلا يبقى الدواء فيسخن ويسخن مع مراعاة لشدة تبريحه فإنه إذا برد شديداً لم يبعد أن يضعف العضو وإذا كان بقرب أعضاء النفس لم يبعد أن يحذر الحجاب وغيره فيمنعه عن إخراج النفس بسهولة والتدبير المرطب منه أغذية لينة وفاكهية وأبزنات ومروخات وضمادات ونشوقات وسعوطات وراحة ودعة وأن لا يحمل عليه في جوع أو عطش.
في ذكر الأدوية المبردة لهم: أما المرطبة منها فجميعها غذائية أو تغلب عليها الغذائية مثل ماء الشعير المطبوخ بالسراطين من جهة السراطين ويجب أن تنتف أطراف السراطين من قوائمها وأنيابها وتغسل بماء بارد وملح طيب ورماد مراراً ثلاثاً فما فوقها حتى تتنقى وتتنظف عن زهومتها ثم تبطخ في ماء الشعير ومثل مخيض البقر ومثل عصارات البقول المعلومة المذكورة في أبواب الحميات الحادة ومثل لعاب بزرقطونا.
وأما الخل ففيه تجفيف شديدة وقوة من التحليل فيجب أن يشرب بماء يقاوم الخلتين من مزج بماء كثير أو ببعض المرطبات الملينة وألبان الأتن يوشك أن تكون مع ترطيبها مبردة حتى إن قوماً فضلوا تبريدها على تبريد مخيض البقر لكنها توافق من ليس به إلا حمى دق ولا مالحة ولا خلط متهيئ للعفونة ويجب أن يحذر تجبن اللبن ومما يمنعه السكر وإذا خشيت عفونة حدثث من اللبن فاسهل برفق وإن خشيت تسخيناً فامسك عنه أياماً وعالج فيها بالأقراص ومياه الفواكه ثم عاود.
وأما الأدوية المبردة التي لا ترطيب فيها فمثل الأقراص المعلومة الموصوفة أعني أقراص الكافور وأقراص البسذ الباردة ومثل أقراص بهذه الصفة.
ونسختها: يؤخذ طباشير طين أرمني من كل واحد أربعة دراهم ورد ستة دراهم بزر الحمقاء والخيار والقرع والكهرباء من كل واحد ثلاثة دراهم يتخذ منه أقراص والشربة ودرهمين وهي جيدة جداً وأيضاً قريبة منها وذلك أن يؤخذ: لسان الحمل نشا صمغ كثيراً من كل واحد ثلاثة دراهم طين أرمني طباشير أربعة أربعة خشخاش خمسة وورد بزر القرع والخيار والحمقاء من كل واحد ستة حب السفرجل المقشر بزر البطيخ بزر القثاء من كل واحد سبعة رب السوس وزن عشرة يعجن بلعاب بزر قطونا.
ترتيب آخر: وأما المروخات والأطلية والضمادات المبردة والنشوقات والسعوطات المبردة فهي التي عرفتها وأجودها المروخات بدهن القرع والخشخاش والنيلوفر والخلاف والبنفسج وأما المفارش المبردة المرطبة فهي التي تكون مهيدة جداً من أدم مرشوش بماء الورد أو كتان من جنس ما يعمل بطبرستان ويكون حشوه ما لا يسخن بل يكون من جنس المكان المحلوج يجدد دائماً أو تكون مفارش من أدم قد ملئت ماء بعد أن يكون عليها تضريب يبسط الماء بسطاً ويمنع تركزه وتكون بقرب الفراش المياه ومجاريها وتحتها أوراق الشجر البارد الرطب من الخلاف وحي العالم والبقول الرطبة والرياحين الباردة كالورد وأيضاً أوراق الشجر الباردة وعساليج الكرم ونحو ذلك.
فِي ذكر الأدوية المرطبة لهم: أما ما كان مع تبريد فقد سلف ذكره وبقي الكلام الآن في كيفية سقي الألبان والمخيض وفي كيفية استعمال الابزن والحمام وفي استعمال المروخات والأدهان والأطلية وسائر التدبير وقد علمنا سقي الألبان في باب السلّ ويبس المعدة فيجب أن يكون ذلك قانوناً ولا لبن بعد لبن النساء كلبن الأتن ثم الماعز ويجب أن يكون علفها من حشائش وبقول باردة كما نعلم فإنها خصوصاً لبن الأتن تقلع الدِّق إن كان له قالع ولا إيثار عليه إلا أن تمنع عفونة واقعة أو متوقعة لمادة حاصلة.
واللبن نافع لهم من أولى الدَق إلى آخره ولبن النساء رضاعاً أوفق الجميع والقانون في سقي المخيض مقارب لذلك أيضاً والأولى أن يبتدأ من وزن عشرة دراهم إلى ثلاثين درهماً وما فوقها إن أعانت القوة ولك أن تخلط بها شيئاً من الأقراص المبردة ولك أن تزيد على المبلغ المذكور في السقية الأولى والآخرة إن أعانت القوة على الهضم.
وأما الأبزن فأفضله ما كان فاتراً لا حرارة فيه كثيرة وكان مع ذلك فيه قوى البقول والحشائش المبردة والمرطّبة ولا يكون بحيث يندّي فضلاً عن أن يعرق ولا يجوز أن يكون للابزن بخار حار ولو لم يكن مانع من استعمال الابزن البارد لم يؤثر عليه ولكن المانع من ذلك ضعف أبدانهم ونحافتها وأما في أوائل أمرهم فربما شفاهم ذلك.
وأما ضعيف البدن فقد يشفيه ذلك مع تبريد يسير يوجبه في مزاجه يمكن أن يعالج وإن كان أضعف من ذلك خيف أن يقر في دَق الشيخوخة وذلك في الأقل ولكنه مع ذلك أبطأ زمان موت وربما عاش معه مدة لها قدر وكثيراً ما يكون الأصلح نقله إلى ذلك الدق.
وأما ما كنا فيه من حديث الابزن فإن الأصوب أن يبدأ بما هو حار إلى حد ويتدرج إلى البارد المعتدل البرد المحتمل فإن هذا التدريج يجعل البدن قابلاً للبارد إذ الألم إنما يكون بورود المخالف في المزاج بغتة وأيضاً فإن البدن يستفيد بالماء الحار شبه خصب ويحتمل معه الماء البارد وإن كرر الابزن في اليوم ثلاث مرات كان صواباً ويجب أن يستعمل برفق لئلا تسقط القوة وإن تناول ماء الشعير قبل الابزن بساعتين كان صواباً وإن قدم الابزن بعد حلب اللبن على بدنه على ما سنفسره ليوسع مجاري الغذاء ثم تناول ماء الشعير وما يشبه ثم صبر ثم استعمل الابزن ليبسط الغذاء كان جيداً ويستعمل بعد الأبزن والحمام التمرّخ بأدهان مبردة مرطبة كدهن البنفسج خصوصاً إذا كان متخذاً من دهن القرع وكذلك دهن النيلوفر ودهن القرع.
وإن انتقل من بعد الأبزن إلى ما يكون أميل إلى برد قليل محتمل ثم يدهن كان صواباً وإن قدّم الأدهان وعجلها ثم دخل ماء برد يسيراً كان صواباً وذلك بحسب الاحتمال ولا بأس بالتدريج فيه وأجود أوقات هذا الصنيع بعد هضم الطعام وإن أمكن أن يغمس بعد الأبزن الحار في ماء بارد دفعة من غير تدريج فهو أبلغ من جهة العلاج وأشدّ من جهة الخطر وصب بالرفق أقل خطراً من غمس المريض فيه دفعة وأقلّ منفعة.
وليكن البرد قدر برد ماء الصيف الذي هو ما بين الفاتر وبين شديد البرد وإن قدم حلب اللبن على أعضائه إن لم يكن ضعيفاً أو الممزوج منه بالماء إن كان ضعيفاً ثم استعمل الأبزن كان صواباً فإن حلب اللبن على البدن شديد الترطيب والألبان الجيدة للحلب هي المذكورة ويجب أن يحلب من الضرع والأولى أن يبيت على تمريخ من الأدهان المذكورة للبدن كله وللمفاصل.
وأما الحمام فلا يرخص له في دخوله إلا إذا كان بحيث لا يعرق ولا يحمي ولا يغير النفس ويكون الحار ماؤه دون هوائه وتكون حرارة مائه فاترة بحيث تنقذ ولا تؤذي ولا تعرق وإذا لم تكن في بدنه مادة مهيأة للعفونة وخصوصاً إذا كان ذلك ولم ينهضم الطعام بل يجب أن يكون ذلك حين ما يراد أن ينبسط المهضوم منه في البدن وأن لا يطيل فيه بل يفارقه بسرعة وإذا فارقه تناول شيئاً من المرطّبات ومن الأحشاء التي لا تضره المتخذة من الشعير واللبن.
وإذا عرض له في الحمام عطش سكنه بماء الشعير وماء الرائب وباللبن لبن الأتن ويجب أن يكون إدخالهم الحمام ثم إخراجهم على جهة لا تعب معها البتة وقد خبرنا بذلك في مواضع أخرى وسنعيد من ذلك شطراً يجب أن ينقل إلى الحمّام في مِحَفة محمولة مفروش فيها فرش مهيد حتى يوافى به البيت الأول فينقل إلى مضربة لينة مما يصلح للحمام وتنزع ثيابه فيه أو في الأوسط إن لم يكن حاراً ولا يلبث في أحدهما إلا قدر النقل وأنفاس قليلة وقدر نزع الثياب ثم يدخل البيت الثالث على أن لا يكون شديد الحراوة ويقيم فيه قدر احتماله للأبزن هذا ما قيل والأحب إلى أن يكون أبزنه في البيت الأوسط المعدل فإذا فارق الأبزن البارد زئل بمنديل أو بفرجية ذات طاقين ونقل إلى فراشه ومحفته ونشف عرقه بمنديل ودهن وغذي.
في تغذية أصحاب الدِّق: يجب أن يفرق عليهم الغذاء ولا يطعموا شبعهم دفعة واحدة ثم أن أجود ما يغذّون به ماء الشعير أو جرم الشعير المقشر المطبوخ أو خبز منقع في ماء بارد وخبز الحنطة المغسولة منقوعاً في الماء البارد والألبان إذا لم يمنع منها ما ذكرناه ومخيض البقر فهو كثير الغذاء والماش والقرع ومن الفواكه البطيخ الفلسطيني وهو الزقي المعروف عندنا بالهندي.
وإذا أحس بإقبال فلا بأس بإطعامه الجبن الرطب غير الملح وإن كانت القوة تضعف لم يكن بأس بأن يطعم مرقة زيرباجة مطيبة بالكزبرة الرطبة مطبوخة بمثل الحراج والطيهوج وربما احتيج إلى أن يسقى شيئاً من الشراب الرقيق ممزوجاً بماء كثير.
وربما احتيج إلى أن تطعم مصوصات من لحم الدراج والطيهوج والقبج والفراريج وهلاماً حامضاً أو قريصاً حامضاً من لحم الجداء أو لحم البقر إذا كان هناك قوة هضم.
وخل المصوص والقريص نافع لهم ومقو في مثل هذه الحال.
وربما لم يكن بد من ماء لحم مخلوط بشراب الفواكه الباردة الحامضة أو من صفرة بيض نيمبرشت وإذا تمادى به الضعف إلى الغشي احتيج إلى أن يغذى بماء لحم مأخوذ من أضلاع جدي بملح قليل يصفى ويصبّ عليه مثل جميعه ماء التفاح ومثل نصف عشره من شراب ريحاني ويسقى مفتراً فأما الماء البارد الذي ليس بشديد البرد جداً فلا بأس.
أن تسقيه إياه إلا أن يكون مانع وذلك المانع إما ورم فيما دون الشراسيف أو تكون في البدن كيموسات نية أو كيموسات عفنة يحتاج جميعها إلى نضج ولم تظهر علامة النضج التي إن ظهرت كان الخوف أقل.
وكذلك إن كان الدّق انتقالاً من السرسام أو البرسام وهذا أولى بأن يحرم معه سقي البارد من غيره فإن الدق إذا ورد على أمراض ناهكة للقوة مرخية إياها مذبلة للعظم واللحم ورد على ضعف فإذا طابقه على الإضعاف سقي البارد لم يلبث أن يقع في جنس آخر من الدق وهو يشارك هذا الجنس في اليبس ويخالفه في الحرّ والبرد ويعرف بدَق الشيخوخة ودق الهرم وذلك مرض صعب تكون الغريزة فيه قد بطلت وكذلك الماء البالغ البرد والكثير قد يضرّهم في كل حال ويفسد غريزة أعضائهم الأصلية وربما عجل موتهم أو نقلهم إلى الضرب الآخر من الدِّق.
من ذلك الغشي وقد ذكرنا التدبير في ذلك غذاء ومن ذلك الإسهال ويجب أن يعالج ويتدارك فإن فيه خطراً عظيماً ومن معالجته أولاً أن يجعل ماء شعيرهم ماء السويق أو يجعل في شعيرهم جاورس مقلو وصمغ أو عدس مسلوق مكرّر أو لبن مطبوخ بالرضف أو بالنار وحدها حتى تذهب مائيته وخصوصاً مع الجاورس وليسقوا هذه الأقراص.
ونسختها: يؤخذ طين أرمني خمسة شاه بلوطِ مقلو ورد أربعة أربعة طباشير كهربا ثلاثة ثلاثة بزر الحماض مقشراً حب الأمير باريس من كل واحد ستة تقرص بعصارة السفرجل وتسقى بماء الكمثري غداة وعند النوم تسقى بزر قطونا مقلو وكذلك سفوف الطباشير الذي فيه مقل مكي نافع جداً وإن أدى إلى سحج عولج السحج بالحقن التي تعرفها فذلك أوفق.